. (2020). المساندة الاجتماعية وبرامجها في المجتمع المصري: دراسة تحليلية لبرنامج تکافل وکرامة. المجلة المصرية للعلوم الاجتماعية والسلوکية, 3(3), 68-101. doi: 10.21608/ejsbs.2020.201227
. "المساندة الاجتماعية وبرامجها في المجتمع المصري: دراسة تحليلية لبرنامج تکافل وکرامة". المجلة المصرية للعلوم الاجتماعية والسلوکية, 3, 3, 2020, 68-101. doi: 10.21608/ejsbs.2020.201227
. (2020). 'المساندة الاجتماعية وبرامجها في المجتمع المصري: دراسة تحليلية لبرنامج تکافل وکرامة', المجلة المصرية للعلوم الاجتماعية والسلوکية, 3(3), pp. 68-101. doi: 10.21608/ejsbs.2020.201227
. المساندة الاجتماعية وبرامجها في المجتمع المصري: دراسة تحليلية لبرنامج تکافل وکرامة. المجلة المصرية للعلوم الاجتماعية والسلوکية, 2020; 3(3): 68-101. doi: 10.21608/ejsbs.2020.201227
المساندة الاجتماعية وبرامجها في المجتمع المصري: دراسة تحليلية لبرنامج تکافل وکرامة
حاولت هذه الورقة البحثية دراسة قضية المساندة الاجتماعية وبرامجها خاصة في المجتمع المصري، من خلال التعرف على ماهيتها، وتوضيح التداخل بين مفهوم المساندة الاجتماعية ومفاهيم أخرى مثل التضامن والتماسک والمساعدة، والتعرف على أهميتها، مصادرها؛ ومن ثم الوقوف على آثارها. کما هدفت إلى تحليل برنامج تکافل وکرامة کنموذج لبرامج المساندة الاجتماعية التي تقدمها الدولة، من خلال الوقوف على أسباب نشأته، وأهدافه، والفئات المستهدفة منه. وخلصت الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها أن المساندة الاجتماعية تعتبر وسيلة فعّالة في معالجة قضايا الفئات المهمشة والفقيرة، لکونها متعددة الأبعاد والمصادر، إضافة إلى أن برنامج تکافل وکرامة يعتبر نموذجًا جيدا للمساندة الاجتماعية کونه يعمل على عدة أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وصحية وتعليمية.
تُعتبر المساندة الاجتماعية من القضايا الهامة التي يجب الترکيز عليها وإجراء العديد من الأبحاث والدراسات حولها؛ لما لها من أهمية قصوى في تحقيق التکامل والتماسک بين أفراد المجتمع، ولما لها من أهمية في تنمية قدرات الفئات المستهدفة وتنمية قدرات المجتمع بأسره، إضافة إلى أنها تعمل على تخفيف وطأة الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية الناجمة عن الانفتاح والعولمة وتداخل الثقافات والقيم، إضافة إلى التخفيف من حدة الفقر والاستبعاد الاجتماعي لبعض الفئات الاجتماعية، ولتطبيق المساندة الاجتماعية يجب أن تُقدم من خلال برامج قومية تنفذها الدولة بشکل رئيس عن طريق تجميع قدرات مؤسساتها ضمن إطار برامج منظمة تستهدف فئات محددة، وبأهداف واضحة، مبنية في تصميمها على الأسس العلمية.
ويسعى هذا البحث إلى الوقوف على مفهوم المساندة الاجتماعية، إضافة إلى نشأتها وأهميتها وأنواعها من حيث مقابلتها للجوانب الإنسانية والاحتياجات، إضافة إلى التعرف على هيکل المساندة الاجتماعية ومن القائمين بها والعلاقات الارتباطية بين عناصرها، ثم عرض لأبرز وظائفها والآثار المترتبة عليها، ويختتم هذا الجزء بتعقيب ختامي حول قضية المساندة الاجتماعية وما يجب أن تکون عليه برامجها، والجوانب التي يلزم مراعاتها في تلک البرامج.
إضافة إلى تحليل برنامج تکافل وکرامة کنموذج لبرامج المساندة الاجتماعية بصفته برنامجا قوميا يسعى إلى المساندة الاجتماعية والثقافية والصحية للفئات الأکثر احتياجًا بالمجتمع المصري، للوقوف على مدى ارتباطه بفکرة المساندة الاجتماعية وقدرته على تحقيقها.
ولتحقيق ذلک تم تقسيم البحث الحالى إلى ثلاثة محاور وهي:
المحور الأول: إشکالىة البحث ومنهجيته.
المحور الثاني: ماهية المساندة الاجتماعية.
المحور الثالث: تحليل برنامج تکافل وکرامة (نموذجًا لبرامج المساندة الاجتماعية).
المحور الأول- إشکالية البحث ومنهجيته:
يسعى هذا المحور إلى توضيح إشکالية البحث وأهميته من الناحية النظرية والتطبيقية، وأهدافه ومنهجيته.
أولًا: إشکالية البحث:
تشير الإحصائيات العالمية إلى مخاطر عدة ناجمة عن الفقر، حيث يعاني واحد من کل تسعة أشخاص من الجوع، وواحد من کل ثلاثة من سوء التغذية. وتشير التقديرات إلى أن أکثر من مليار شخص مصابون بشکل من أشکال الإعاقة، وهم من أکثر الفئات المهمشة في معظم المجتمعات. ويواجهون الوصم والتمييز، وصعوبات في البيئة المادية والافتراضية التي يعيشون فيها. والحرمان الذي تعاني منه الأجيال الحاضرة قد ينتقل إلى أجيال المستقبل. ولمستوى تعليم الأهل وصحتهم ودخلهم تأثير بالغ على فرص أطفالهم في تحسين أوضاعهم والخروج من دائرة الفقر والحرمان (تقرير التنمية البشرية،2016: 5).
وفي عام 2014 أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع عدد من الوزارات والهيئات الدولية برنامج (تکافل وکرامة) کأحد برامج المساندة الاجتماعية والقضاء على الفقر، حيث سعت إلى دعم الفئات الأکثر فقرا وتحقيق أهداف اقتصادية، واجتماعية، وإنسانية. والبرنامج مقسم إلى قسمين: الأول (تکافل) موجّه أساسا الى فئة الأسر التي لديها أطفال ملتحقون بمراحل التعليم المختلفة من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الثانوية، أو أطفال صغار يحتاجون للرعاية والمتابعة الصحية، والثاني (کرامة)، موجّه إلى فئة کبار السن أکبر من 65 عامًا الذين لا يقدرون على العمل وليس لديهم مصادر دخل ثابتة أو المعاقين إعاقة تمنعهم من العمل والکسب وأيضًا لا يملکون دخلا ثابتا. واهتم البرنامج بتقديم الدعم النقدي للفئات الأکثر فقرًا في المجتمع المصري، مقسّم إلى مراحل عمل تبدأ بمحافظات الصعيد وبعض مناطق محافظتي القاهرة والجيزة، ولم يقتصر البرنامج على تقديم الدعم النقدي فقط بل وضع في اعتباره جوانب أخرى کالرعاية الصحية والتعليمية، ورفع مستويات الانتماء والرضا، وغيرها (الهيئة العامة للاستعلامات، http://www.sis.gov.eg/section/809/7588?lang=ar).
ومما لا شک فيه أن أي برنامج من برامج المساندة الاجتماعية يهدف إلى تنمية الإنسان وتحسين أوضاعه سواء أکانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، مما يجعل له آثار اجتماعية وثقافية عدة تترکز بصفة خاصة على الفئات المستهدفة من البرنامج، وتؤثر بدورها على المجتمع المحلي والمجتمع ککل. وسعت هذه الدراسة إلى تحليل برنامج تکافل وکرامة کأحد نماذج وزارة التضامن الاجتماعي للمساندة الاجتماعية والحد من الفقر، والوقوف على قدرته في تحقيق المساندة الاجتماعية ومقابلته لأهدافها.
ثانيًا: الأهمية النظرية والتطبيقية للبحث:
ترجع أهمية دراسة برامج المساندة الاجتماعية إلى الحاجة الماسة للمجتمع المصري للحد من معدلات الفقر وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية للفقراء، وتتمثل الأهمية النظرية والتطبيقية فيما يلي:
الأهمية النظرية:
الإسهام في تقديم أساس نظري يساعد في معالجة مشکلات الفقر والاستبعاد من خلال رؤية شاملة للمساندة الاجتماعية وأهدافها.
ندرة الدراسات والبحوث التي تسعى للوقوف على الأبعاد الاجتماعية والثقافية للبرامج الحکومية للمساندة الاجتماعية.
وتتمثل الأهمية التطبيقية للبحث فيما يلي:
التعرف على کفاءة برامج المساندة في المجتمع المصري.
تقديم دراسة علمية تمکن القائمين على المنظمات الحکومية وغير الحکومية من تصميم برامج المساندة الاجتماعية على أساس علمي.
ثالثًا: أهداف البحث:
تتمثل أهداف البحث في:
التعرُّف على ماهية المساندة الاجتماعية.
الوقوف على أهداف برامج المساندة الاجتماعية في المجتمع المصري (تکافل وکرامة نموذجًا).
التعرُّف على دور برنامج تکافل وکرامة في تحقيق الحماية الاجتماعية للمستفيدين.
التعرُّف على دور برنامج تکافل وکرامة في الجانب التعليمي لأبناء أسر المستفيدين.
التعرُّف على دور برنامج تکافل وکرامة في مجال الرعاية الصحية للمستفيدين وأبنائهم.
رابعًا: الإطار النظري للبحث:
يعتمد هذا البحث على کلٍ من نظرية التحديث في تحديد الأسس التي يتم من خلالها تقدم المجتمع، کما يعتمد أيضًا على نظرية الاستبعاد الاجتماعي لتحديد الفئات المهمشة والمستبعدة التي يجب أن توجّه إليها برامج المساندة الاجتماعية، وذلک على النحو التالى:
أ- نظرية التحديث:
ظهرت نظرية التحديث في العالم الرأسمالى؛ للحاجة إلى نظرية اجتماعية أيديولوجية؛ لتجنب الشيوعية، وذلک بعد عام 1945 في نهاية العهد الإمبراطوري. وکانت الدول قد مرت بمراحل من التطور؛ للوصول إلى الحداثة الغربية – من خلال الأفکار الأولية لدورکهايم وفيبر- التى توافقت مع النظريات المدنية لوالت رستو (Walt Rostow)، وصمويل أينشتادت (Shmuel Eisenstadt)، وبيرت هوسليتز (Bert Hoselitz)، وديفيد ماکليلاند (David Mcclelland). وسادت نظرية التحديث للفکر الغربي خلال الخمسينيات والستينيات في القرن التاسع عشر(جون سکوت،2009: 92).
فالحداثة تشير إلى التحسينات المستمرة والدائمة في حياة الإنسان وتطوره المستمر، حيث إن إمکانية التقدم تعني الاعتقاد بأن الأشياء غدا سوف تکون أفضل مما هي عليه اليوم، التي تعنى بالتالى تجهيز النظام السائد لکي يتجه نحو التقدم، وهذا يعني بکلمات أخرى القدرة على کسر وتحطيم التقالىد البالىة من أجل تغيير مجتمعاتهم إلى الأفضل على وجه الخصوص في ضوء فکرة الحداثة (فيليب جونز،2010: 66).
ويرى أنصار هذه النظرية أن السبيل للوصول إلى التقدم هو تجاوز التقاليد والقيم وأنماط السلوک التي کانت سبباً رئيسياً للتخلف واستبدالها بقيم عصرية مستمدة من المجتمعات المتقدمة، وهذا يعني أن النسق القيمي في المجتمعات النامية معوق أساسي للتقدم، ولذلک فإن على الدول النامية أن تبني القيم السائدة في الثقافة الغربية أساساً. (أحمد أنور، الانفتاح وتغير القيم في مصر، 1993: 27)،کما يتبني أنصار تلک النظرية العديد من المفاهيم المتعلقة بالتحديث، فضلًا عن تنوع الاستراتيجيات والآليات للوصول إلى المجتمع الحديث، ويمکن عرض أبرز المؤشرات الأساسية للتحديث في العناصر التالية Wolfgang Zapf, 2004: 3-4)):
- وصول المجتمع لدرجة من النمو الاقتصادي يکفى لزيادة الإنتاج والاستهلاک؛ مما يؤدى لزيادة الإنتاج الفردي، وبالتالى زيادة الدخل، ومن ثم تزايد سرعة نمو المجتمع.
- زيادة معدلات التعليم ومحو الأمية.
- اتجاه العديد من الجهود للحد من الفارق بين الدول الأقل نمواً والمجتمعات الرائدة.
- المجتمعات الحديثة تتبني الابتکار والإصلاح للتعامل مع کل جديد من المشاکل الداخلية، والتعامل مع المتغيرات التي تطرأ عليها.
- لعب المرأة دوراً أکثر فاعلية في المجتمع (عبد الغنى عماد،2006: 218-219).
- مراعاة الخصائص المحلية، حيث يراعى أيديولوجية الحکومة ونوع النظام وتنظيم وتعبئة مجموعة المصالح وقدرة الدولة.
من خلال عرض نظرية التحديث يرى الباحث أنها تسعى بشکل رئيس إلى وضع أسس لتحول المجتمعات من مجتمعات تقليدية إلى مجتمعات حديثة متقدمة تقل فيها مشکلات الفقر والبطالة ويسود فيها قيم إيجابية مثل العمل الابتکار والتعليم وتمکين الفئات المهمشة وغيرها من القيم الإيجابية، وتساعد تلک الأسس التي تضعها نظرية التحديث في تحقيق هدف برامج المساندة الاجتماعية في تحسين أوضاع الفئات المهمشة ونقلهم من دائرة العوز والحرمان والإقصاء إلى التقدم والرقي وتحقيق الرفاه.
ب: نظرية الاستبعاد:
إن الاستخدام الحديث لمصطلح الاستبعاد الاجتماعي نشأ في فرنسا حيث جرت العادة على استخدامه في الإشارة أساسا إلى الأفراد الذين تخطاهم النظام البسمارکي للضمان الاجتماعي، وکان المستبعدون اجتماعيًا هم هؤلاء الذين استبعدتهم الدولة بصورة رسمية، "المستبعدون" کانوا أولئک الذين سقطوا من شبکة الرعاية الاجتماعية في سبعينيات القرن العشرين، وفيما بعد أدت زيادة حدة المشکلات الاجتماعية في الضواحي الراقية بالمدن الکبيرة إلى اتساع المصطلح (جون هيلز، جوليان لوجران،2007: 23).
وتؤدي برامج المساندة الاجتماعية وظائف متعددة کتنمية قدرات الفئات المستهدفة وإشباع احتياجاتهم من جهة، ومن جهة أخرى مواجهة الاستبعاد الاجتماعي الذي قد يتفشى بين أجزاء النسق في المجتمع، حيث ينشأ عن الاستبعاد الاجتماعي غياب مظاهر العدالة الاجتماعية وفقدان التضامن بين أفراده فضلًا عن تهديده الواضح لاستقرار البناء الاجتماعي وغيرها من المخاطر العديدة التي تعمل برامج المساندة الاجتماعية - وإن کان بشکل غير مباشر - على القيام بوظيفة التصدي لنشوء مثل تلک الظاهرة، وتتعدد مخاطر الاستبعاد الاجتماعي.
وفيما يلي أبرز تلک المخاطر (هدى أحمد الديب، محمود عبد العليم محمد، 2015: 217-219):
- يؤدي الاستبعاد الاجتماعي إلى وجود فرص تعليمية ومهنية غير متکافئة، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الحرمان والتهميش وظهور فئات جديدة تحتاج إلى مساندة اجتماعية توفرها تلک البرامج من خلال إشباع احتياجاتهم الضرورية وتهيئتهم لاستکمال أهداف البرنامج لبناء قدراتهم.
- يشکِّل الاستبعاد الاجتماعي في الواقع إنکاراً للفرص المتکافئة فيما يتصل بالحقوق ورفاهة العيش والحقوق السياسية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى انتهاک مقتضيات العدالة الاجتماعية، وتعمل برامج المساندة الاجتماعية على إعادة إنتاج الفرص من جديد خاصة على مستوى الأهداف التعليمية والصحية.
- ينشأ عن الاستبعاد غياب التضامن الاجتماعي، حيث تکون المؤسسات داخل المجتمع في معزل عن أفراده، مما يفقد الأفراد الشعور بالألفة والمودة فضلًا عن الاغتراب الناتج عن فقدانهم القدرة على تلبية احتياجاتهم وهو ما تعمل عليه برامج المساندة الاجتماعية من خلال ما تقدمه للوصول إلى مجتمع متضامن سواء على مستوى الأفراد ببعضهم بعضًا، أو على مستوى المؤسسات.
ومما سبق يرى الباحث أن العوامل التي تؤدي إلى نشوء الاستبعاد الاجتماعي هي ذاتها التي تسعى أهداف برامج المساندة الاجتماعية للقضاء عليها، حيث إن نقص الموارد والحرمان من الخدمات الأساسية ونقص مستوى الدخل وتدني المستوى التعليمي وغيرها من العوامل التي تؤدي إلى الاستبعاد الاجتماعي، هو ما تسعى برامج المساندة الاجتماعية لمعالجته حيث تستهدف في الأساس الفئات الفقيرة والمهمشة التي تعاني من الحرمان، وتشکل نظرية الاستبعاد الاجتماعي الأساس العلمي للوقوف على الفئات التي تعاني أقصى درجات الحرمان والعوز.
خامسًا: الإجراءات المنهجية للبحث:
يتطرق هذا العنصر إلى توضيح الإجراءات المنهجية المستخدمة في هذا البحث کما يلي:
1- منهج البحث:
اعتمد هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي لوصف وتحليل برنامج تکافل وکرامة کنموذج لبرامج المساندة الاجتماعية في المجتمع المصري.
2- الطرق المنهجية:
استند البحث إلى طريقة تحليل المضمون، وذلک للوقوف على الجوانب المتعددة لبرنامج تکافل وکرامة من حيث أهدافه والفئات المستهدفة وشروط الاستحقاق واستمرار المساعدة وغيرها من الجوانب، إضافة إلى طريقة دراسة الحالة، وذلک للتعرف على وجهة نظر کلٍ من المستفيدين والعاملين في برنامج تکافل وکرامة وقدرته على تحقيق الحماية الاجتماعية للمستفيدين وجدوى نظام المشروطية التعليمية والصحية.
3- عينة البحث:
تحليل مضمون للتقارير الرسمية من وزارة التضامن عن برنامج تکافل وکرامة بصفتها الجهة المسئولة رسميًا عن تنفيذ البرنامج، إضافة إلى تقارير من البنک الدولي بصفته جهة مساهمة بالدعم المادي من خلال تمويل للبرنامج والدعم الفني من خلال تقديم المشورة.
کما طُبقت الدراسة الميدانية على عدد (5 أفراد) من المستفيدين وکذلک (5 أفراد) من العاملين بالبرنامج للتعرف على آرائهم في جدوى البرنامج والدعم المقدم إليهم بالإضافة إلى نظم المشروطية الصحية والتعليمية.
المحور الثاني: ماهية المساندة الاجتماعية:
تعدُّ المساندة الاجتماعية قديمة قدم الإنسان، إلا أن الباحثين أولوا اهتمامهم بها مؤخرًا لما لاحظوه من آثارها الهامة في مواقف الشدة والإجهاد النفسي، وما تقدمه من تخفيف للضغوط والشدائد والمواقف العصيبة، فضلًا عن کونها مصدرا من مصادر الأمن النفسي الذي يحتاجه الفرد من عالمه حالة شعوره بأن هناک ما يهدده، أو أن طاقته استُنفدت، أو في حالة أن يعتليه إحساس بالعجز وعدم القدرة على مجابهة المخاطر؛ الأمر الذي يُشعره باحتياج العون والمساعدة من الآخرين. کما أن مفهوم المساندة الاجتماعية اختلف فيه الباحثون باختلاف تخصصاتهم، وتناوله علماء الاجتماع في إطار العلاقات الاجتماعية بين الأفراد. إلا أنه لا يمکننا إغفال أن المساندة الاجتماعية مصدر هام من مصادر الدعم الاجتماعي الذي يحتاجه الإنسان. کونها مفهومًا شموليًا تغطي کافة الاحتياجات البشرية، فهي متعددة الأبعاد، وترتبط أبعادها بشکل تکاملي وتعتمد بشکل کبير على التبادلية فيما بينها؛ ما يعني أن تعدد أوجه المساندة يجعلها على رأس مصادر الدعم الذي يحتاجه الإنسان.
وللتعرف على المساندة الاجتماعية بشکل أعمق سوف نتطرق في الصفحات القادمة إلى مفهومها، ونشأتها، وأهميتها، وهيکلها، وأبعادها، ووظائفها، والعوامل المؤثرة فيها، وآثارها.
أولًا- مفهوم المساندة الاجتماعية:
تُعدُّ المساندة الاجتماعية مصطلح غاية في الأهمية، لما لها من دلالات في الحفاظ على المجتمع وقوته وتماسکه، فضلًا عن کونه مصطلحا يتداخل ويترابط مع الکثير من المصطلحات مثل التضامن الاجتماعي والتکامل الاجتماعي والحماية وغيرها من المصطلحات التي ترتبط بشکل کبير بالمساندة الاجتماعية، وللوقوف أکثر على مفهوم المساندة الاجتماعية سوف نلقي الضوء على مفاهيم المساندة والمصطلحات المرتبطة بها فيما يلي:
توسع الباحثون في تعريفهم للمساندة الاجتماعية لتشمل المساعدات العاطفية والجسدية والإعلامية والأدوات المادية، والمساعدة التي يقدمها الآخرون للحفاظ على الصحة والرفاهية، وتعزيز التکيُّف مع أحداث الحياة، وتعزيز التنمية بطريقة ملائمة. کما أوضحوا أن مصادر المساندة الاجتماعية تشمل الأقارب والأصدقاء والجيران وزملاء العمل والنوادي، والمنظمات الاجتماعية وأي منظمة فردية أو جماعية أو اجتماعية أخرى. ويحصل الفرد على المساندة الاجتماعية بالاتصال بتلک المصادر سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ويمکن التمييز بين هذه المصادر في نوعي نظم المساندة الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية. وتشمل شبکات المساندة الاجتماعية غير الرسمية الأفراد مثل (الأقارب والأصدقاء وغيرهم) والمجموعات الاجتماعية مثل (النوادي الاجتماعية، وما إلى ذلک). وتشمل شبکات المساندة الاجتماعية الرسمية أي تنظيم رسمي لتقديم المساعدة على أساس الحاجة، وتضم المهنيين مثل (الأطباء والإخصائيين الاجتماعيين والمعالجين وغيرهم) والوکالات مثل (المستشفيات وبرامج التدخل المبکر والإدارات الصحية، وما إلى ذلک) (Kelly a. Brown,2000:6).
کما تُعرف المساندة الاجتماعية باعتبارها النظام الذي يتضمن مجموعة من الروابط والتفاعلات الاجتماعية مع الآخرين التي تتسم بأنها طويلة المدى، ويمکن الاعتماد عليها والثقة بها عندما يشعر الفرد بأنه في حاجة إليها لتمده بالسند العاطفي، کما أنها تتضمن نمطًا مستديمًا من العلاقات المتصلة أو المتقطعة، التي تلعب دورًا هامًا في المحافظة على وحدة الجسم للفرد، کما أن الشبکة الاجتماعية للفرد تزوِّده بالإمدادات النفسية للمحافظة على صحته النفسية (Caplan.G,1981:413)
کما حدد سارسون وآخرون المساندة الاجتماعية بأنها "تعبر عن مدى وجود أو توفر الأشخاص الذين يمکن أن يثق بهم الفرد، وهم أولئک الأشخاص الذين يترکون انطباعًا بأنهم في وسعهم أن يعتنوا به ويقدرونه ويحبونه"(Sarson.G& et.al.,1983:136)
ولعل أبرز ما توضحه التعريفات السابقة تلک الشمولية التي تتمتع بها المساندة الاجتماعية، من حيث الجوانب التي تقابلها والاحتياجات التي تلبيها والمصادر التي تنبثق منها، فهي تتمتع بالشمولية في المصادر ومقابلة الحاجات الاجتماعية، مما يجعلها أشمل وأعم من کثير من المفاهيم کالمساعدة والحماية والتضامن، وفيما يلي استعراض للمفاهيم المرتبطة بالمساندة الاجتماعية:
تُعرّف اللجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة المساعدة الاجتماعية بأنها "حماية اجتماعية لا تقوم على الاشتراکات، تستهدف مجموعات محددة کالفقراء مثلا، أو جميع السکان" (الأمم المتحدة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا،2018:vii).
ويُعرّف التضامن الاجتماعي بأنه "المسئولية المشترکة وتبادل المخاطر والامتيازات والالتزامات بين أفراد المجتمع ضمن شبکة قومية من العلاقات والروابط الاجتماعية" (أحمد کمال هيبة وآخرون،2007: 8).
کما يمکن تعريفه بالنظام الذي تضعه الدولة لحماية الأفراد وأسرهم عند تعرضهم لمختلف کوارث الحياة وتؤمِّن لهم سبل العيش وإتاحة مستوى معيشة کريم ولائق (أحمد زکي بدوي،1987: 245). ولقد تم استعمال الضمان في دلالته الاجتماعية بمعني التعاون بين أعضاء المجتمع الواحد، على أساس أن ذلک واجب عليهم من حيث إنهم يکونون کلًا لا يتجزأ (إبراهيم مدکور، 1975: 148).
يُشير مفهوم التماسک الاجتماعي إلى" تکامل سلوک الجماعة باعتباره نتيجة للروابط الاجتماعية أو القوى التي تجعل أعضاء الجماعة في حالة تفاعل لفترة معينة من الزمن" (مصلح أحمد صالح،1999: 97).
ويُشير کذلک إلى شعور أفراد الجماعة بمشاعر إيجابية قوية تجاه جماعتهم ورغبتهم في استمرار عضويتهم بها، وموافقتهم على الأهداف المقررة للجماعة ومعاييرها وبناء الأدوار بها من خلال تحديد الحقوق والواجبات (محمد عاطف غيث، 1995: 68).
بعد استعراض مفهوم المساندة الاجتماعية والمفاهيم المرتبطة به يتضح لنا أن المساندة الاجتماعية مفهوم أعم وأشمل يتضمن في ثناياه باقي المفاهيم الأخرى کالحماية والمساعدة والتماسک والتضامن، وتمثل في مجملها – أي المساندة الاجتماعية - کافة الآليات والأساليب التي تتبعها الحکومات ومنظمات المجتمع المدني، لتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع والنهوض والنمو والقضاء على الفقر والحرمان خاصة في البلدان النامية، فضلًا عن أن تصميم برامج المساندة الاجتماعية يجب أن يتضمن ولو جزئيًا تحقيق الحماية والتضامن والتماسک والمساعدة للمجتمع.
ثانيًا- نشأة المساندة الاجتماعية:
يعود تاريخ الأبحاث حول المساندة الاجتماعية إلى عام 1890، عندما اقترح إميل دورکهايم أن ظاهرة الأفراد الذين يهاجرون إلى المدن الصناعية للعثور على عمل تؤدي في کثير من الأحيان إلى انهيار في علاقات الأسرة والمجتمع. حيث يرى أن هذه الهجرة تؤدي إلى تقليص الموارد الاجتماعية، کما ينتج عن حالة الانهيار في العلاقات الاجتماعية في کثير من الأحيان زيادة الانتحار. کما توصل باحثون آخرون إلى نتائج مماثلة بين السکان المشردين، حيث وجد توماس وزانانيکي في دراستهما دليلًا على السلوک المنحرف في المهاجرين البولنديين إلى شيکاغو، يتسبب جزئياً في تمزق العلاقات الاجتماعية. کما أن الأفراد الذين يشارکون في مجتمعاتهم يتمتعون بصحة عقلية أفضل من أولئک الذين کانوا أکثر عزلة، مما يشير إلى أن الأشخاص القادرين على الحفاظ على الروابط الاجتماعية لديهم نتائج صحية أفضل. ومن ثم بدأ العمل المبکر على المساندة الاجتماعية کآلية مواکبة في السبعينيات، حيث إن علماء الأوبئة حققوا من خلال أبحاثهم تقدمًا في تصور دور المساندة الاجتماعية في الحماية من الآثار الصحية السلبية لأحداث الحياة المجهدة. کما لوحظ أن الأفراد الذين فسروا علاقاتهم مع الآخرين على أنهم محبوبون وقيمون وأنهم جزء من شبکة اجتماعية کانوا محميين من عواقب صحية سلبية (Molly M. De Marco,2008: 18-19) .
ويُعدُّ مفهوم المساندة الاجتماعي ذا شعبية کبيرة في أبحاث الصحة العقلية، حيث يقترحون أن مفهوم المساندة الاجتماعية يفترض "الظروف البيئية (الاجتماعية) المفيدة التي قد تعدل بل وتعوض آثار الإجهاد البيئي". وقد أجريت العديد من الدراسات حول المساندة الاجتماعية بين الأشخاص الذين يعيشون في فقر، التي تناولت الروابط النظرية في أعمالهم وحياتهم. حيث إن الجذور الفلسفية لهذا المفهوم في الأفکار حول المتطلبات الإنسانية الأساسية، تنبع من وجود احتياجات بشرية أساسية يجب الوفاء بها. وبالرغم من عدم وجود إجماع واضح على تعريف المساندة الاجتماعية، فإن "الفرضية الأساسية بين الباحثين والمنظِّرين هي أن المساندة الاجتماعية بناء متعدد الأبعاد بمکونات وظيفية وهيکلية. وتتنوع تلک الأبعاد ما بين (المساندة الفعّالة (المادية) والمساندة العاطفية والمساندة المعلوماتية)، وتتداخل مکونات المساندة الاجتماعية ما بين البيئة والأفراد والجماعات، إلا أنها تؤدي أدوارًا مختلفة مما يتطلب التنسيق ما بين المکونات لأداء المساندة الاجتماعية لوظائفها. (AlinaI. Ramirez Ponce,2004: 20-21)
مما سبق يتضح أن الترکيز على قضية المساندة الاجتماعية؛ جاء استجابة لحاجة المجتمع لإيجاد حل للمشکلات الاجتماعية الناجمة عن التطور والثورة الصناعية، وانتقال الأفراد من الريف إلى المدينة، وتحول المجتمعات من مجتمعات بسيطة تعتمد على العلاقات العائلية والثقافة الواحدة إلى مجتمعات مرکّبة تتداخل بها الثقافات، وتتحول الأسر من أسر مرکّبة إلى أسر نووية، ولعل التطورات الحالية التى أحدثتها العولمة والثورة المعلوماتية وانتشار وسائل الاتصال الحديثة، أدت إلى مرحلة جديدة من التغيُّر الثقافي وتداخل الثقافات بين الدول، وأفرزت العديد من المشکلات الاجتماعية والاقتصادية، جعلت من الضروري إعادة النظر إلي قضية المساندة الاجتماعية وأهميتها في المجتمع، وضرورة تطبيقها بشکل علمي منظم ضمن إطار برامج قومية؛ لتقليل حدة المشکلات الاجتماعية والاقتصادية.
ثالثًا- أهمية المساندة الاجتماعية ووظائفها:
تُعتبر المساندة الاجتماعية مصدرًا هامًا من مصادر الأمن الذي يحتاجه الإنسان في عالمه الذي يعيش فيه، خاصة عندما يشعر أن هناک ما يهدده، أو بمعني آخر لم يعد يستطيع تحمُّل ما يقع عليه من إجهاد، عندما تکون الحاجة کبيرة وملحة إلى مساعدة البيئة المحيطة به سواء کانت تلک الحاجات مادية أو معنوية أو مهارية، وهنا تبرز أهمية المساندة الاجتماعية ووظائفها کحل فعّال لهؤلاء الأفراد (ماجد بن سعود الحربي، 2016: 35).
وقد ذکر العديد من الأبحاث والدراسات أهمية المساندة الاجتماعية ووظائفها، ويمکن إجمالها في العناصر التالىة (أماني خليل محمود سمور،2015: 54)، (عمر ضافي الکواملة،2016: 16)، (منى بنت صالح بن عبدالله الماضي،2011: 103-104):
- تُساعد في تخفيف مصادر الضغوط على الأفراد بما يساعدهم على التکيُّف مع جميع ظروف الحياة المؤلمة التي يعيشونها.
- تُقدم المساعدات المادية التي تتمثل في الحاجات الأساسية للإنسان من مطعم ومسکن وملبس وصحة وغيرها.
- تُعد عاملًا هامًا في تلقي المحبة والمودة والاهتمام بين الأفراد سواء على مستوى المقربين أو على مستوى المجتمع ککل.
- تُحقق التکامل الاجتماعي عن طريق بناء العلاقات للأفراد ذوي الاهتمامات والقيم المشترکة، ومُشارکة الأفراد في التفاعلات الاجتماعية.
- تعمل على تخفيف حدة الاضطرابات النفسية للأفراد.
- تُعتبر عاملا رئيسيا في تعزيز قدرات الأفراد على حل المشکلات بطريقة صحيحة.
- تُساعد المساندة الاجتماعية في تعزيز تقدير الأفراد لذاتهم.
- تعديل السلوکيات السلبية وتعزيز السلوکيات الإيجابية لدى الأفراد.
- تحقيق الإحساس بالأمان من خلال عمليات الاتصال والعلاقات المؤثرة بدرجة شديدة.
- التوجيه والإرشاد عن طريق إتاحة الفرصة للآخرين للتقدم والنضج.
يرى الباحث من خلال العرض السابق أن المساندة الاجتماعية تعمل على مقابلة کافة الأبعاد الإنسانية سواء ما يتعلق بالحاجات المادية أو النفسية أو الاجتماعية أو المعلوماتية، وتبرز أهميتها على مستويين: أحدهما الجانب الإنمائي من خلال تقديم الدعم المادي والفني للفئات الموجهة إليها ومساندتهم في تخطي الظروف الحياتية القاسية، ومساعدتهم بشکل کبير في الاندماج داخل المجتمع وتعزيز إحساسهم بتقدير الذات واستعادة المشارکة الإيجابية لديهم في المجتمع، حيث يمکن من خلال البرامج القومية للمساندة الاجتماعية إيصال الدعم للفئات المختلفة إضافة إلى شعورهم بأهميتهم ومساندتهم من قبل مجتمعهم، ويبرز الجانب الآخر من أهمية المساندة في العملية الوقائية من خلال توجيه الدعم إلى الجيل الثاني داخل الأسر، عن طريق مساندتهم تعليميًا وصحيًا لضمان وقايتهم من العزلة الاجتماعية، فضلًا عن تعزيز روح الانتماء لديهم وإحساسهم بتقدير الذات وتجنب المشکلات الصحية، ويکون ذلک من خلال خلق بيئة اجتماعية تتميز بالمشارکة الإيجابية والمساندة الاجتماعية.
رابعًا- هيکل المساندة الاجتماعية
يتم تعريف هيکل المساندة الاجتماعية من خلال مصادر المساندة، حيث إن المصدر الرئيسي للمساندة هو الشريک الحميم، وعادة ما يکون حبيبًا أو زوجًا ويتميز دعم الشريک الحميم بتبادل المساندة، ويعتبر من أکثر مصادرها قربًا للأفراد، لأنه يتميز بتوفير الدعم الفردي من خلال علاقة تکون عادةً حصرية (Molly M. De Marco, 2008: 24) ، بينما يعتبر المصدر الثاني للمساندة هو الشبکة الاجتماعية، وتتکون هذه الشبکة من علاقات بين الأقارب وزملاء العمل والأصدقاء، وتُعرّف الشبکة الاجتماعية من حيث تکوينها وهيکلها وعدد الأشخاص الذين يعرفون بعضهم البعض أو حسب طبيعة العلاقات مثل الصداقة أو القرابة، غالبًا ما تشمل العلاقات بين الشرکاء الحميمين والأفراد المقربين من العائلة والأصدقاء والجيران وأعضاء المجموعة الاجتماعية والدينية. والشبکات الاجتماعية يُمکن أن تکون متجانسة أو غير متجانسة، فالشبکات المتجانسة تتميز بعلاقات وثيقة وکثيفة بين الأشخاص داخل الشبکة، وغالبًا ما يکونون أفراد الأسرة، وهذه العلاقات القوية تساعد الأفراد في التعامل مع الضغوطات عن طريق تبادل الأموال والدعم العاطفي والمشورة. بينما تتکون الشبکات الاجتماعية غير المتجانسة عادة من علاقات أضعف بين الأشخاص بالمقارنة بالعلاقات بين الأفراد في الشبکات الاجتماعية المتجانسة، ولکن تتميز هذه العلاقات الأضعف بتنوع أکبر مما يتيح مجموعة أوسع من أنواع الدعم، مثل المعلومات والروابط المفيدة لتحسين الوضع الاقتصادي (عائشة شايع علي،2012: 34)، أما المصدر الثالث فهو المجتمع؛ ويُعبر عن العلاقات بين الأفراد ومجتمعاتهم، وتتمثل المساندة الاجتماعية للمجتمع من خلال الروابط التي تربط الأفراد بمجتمعاتهم. التي تشمل المشارکة في مجموعات رسمية أو غير رسمية (مجموعات مدنية، مجموعات مدرسية، فرق أو أندية رياضية، منظمات خدمة، منظمات سياسية، واستخدام الخدمات الاجتماعية)، ويعتبر مدى هذه المشارکة انعکاسا لترابط الفرد بالمجتمع، ويتميز هذا المصدر بالعمومية فلا يکون موجّها لمساعدة أفراد محددين بل يکون محددا لفئات اجتماعية، وينتج عنه شعور الفرد بالانتماء (إهداء عادل المطارنة، 2015: 19).
ويمکن إجمال ما سبق ذکره عن هيکل المساندة الاجتماعية من خلال الدوائر المرکزة لتوضيح بنية المساندة الاجتماعية، الذي أشار إليها بويسيفين Boissevain في الشکل التالى :(Molly M. De Marco, 2008: 33-34)
المجتمع
يعرض الشکل السابق تصورًا للمساندة الاجتماعية يتضمن مصادرها، فالمصدر الرئيسي هو الشريک الحميم وعادة ما يکون الزوج أو الحبيب، بينما المصدر الثاني أو ما يسمى بالمصدر الثانوي فهو الشبکة الاجتماعية ويتألف من أفراد الأسرة والأصدقاء، ويشير المصدر الثالث أو الخارجي إلى المساندة المجتمعية المستمدة من الجيران والمعارف وزملاء العمل وأعضاء المجموعة الرسميين أو غير الرسميين.
ويرى الباحث أن المساندة الاجتماعية شاملة وتتنوع مصادرها، فيمکن أن تُقدم من خلال فرد واحد کما هو الحال في الشريک الحميم، کما يُمکن أن تُقدم من خلال الدولة عن طريق مؤسساتها الاجتماعية، مما يجعلها - أي المساندة الاجتماعية - تتميز بالمرونة والاتساع في تصميم برامجها، وإمکانية تسخير قدرات ومؤسسات الدولة المختلفة في تقديم المساندة الاجتماعية کلٌ حسب تخصصه، والتنسيق بينهم ضمن برنامج شامل لخدمة قضية المساندة الاجتماعية.
خامسًا: أشکال المساندة الاجتماعية:
اتفق العلماء بشکل عام على أن المساندة الاجتماعية هو مفهوم متعدد الأشکال، وتتنوع تلک الأشکال ما بين المساندة الفعّالة والمساندة العاطفية والمساندة المعلوماتية، وعمل هذه الأشکال المختلفة على تلبية الاحتياجات الإنسانية بشکل عام سواء أکانت احتياجات مادية أو نفسية أو معرفية، ويمکن شرح کل شکل بشيء من التفصيل فيما يلي:
1- المساندة الفعّالة:
تُعبر المساندة الفعّالة أو المعروفة أيضًا باسم المساندة المادية، عن توفير موارد ملموسة أو اقتصادية، تلقي بظلالها على الاحتياجات الغذائية إضافة إلى ارتباطها بالصحة أو غير ذلک من الاحتياجات الأساسية للإنسان، تشمل أمثلة المساندة الفعّالة في منح القروض والهدايا النقدية أو السلع الغذائية، وتوفير الخدمات (محمد رفيق الکحلوت،2016: 17)، وتُشير غالبية الدراسات التي أجريت على المساندة الفعّالة إلى أنها تستخدم في نطاق ضيق مقارنة بالبعد العاطفي، حيث إن المساندة الفعّالة غالباً ما تکون مرتبطة بقضيتي الجوع والفقر، وهي تلعب الدور الرئيس في تقديم الدعم للأفراد بشکل مباشر في حصولهم على الغذاء والمسکن .(Molly M. De Marco, 2008: 22)
2- المساندة العاطفية:
تُعبر المساندة العاطفية أو المساندة التقديرية عن العلاقة بين الأفراد، التي تتميز بالحميمية والتعلق والطمأنينة والقدرة على الثقة والاعتماد على بعضهم البعض، وتشمل المساندة العاطفية مناقشة المشاعر ومشارکة المخاوف ومؤشرات التعاطف والموافقة والرعاية والتعبير عن القلق، وأن الأفراد الذين يحصلون على المساندة العاطفية يصفون الأحداث بأنها أقل إرهاقًا ولديهم تقدير أعلى للذات، ويميلون على الأرجح لممارسة المواجهة النشطة في مواجهة الضغوطات، کما يقلِّل هذا النوع من المساندة من القلق والاکتئاب (Taylor, S.E, 2011: 195).
3- المساندة المعلوماتية:
تتضمن المساندة المعلوماتية تقديم المعلومات والمشورة لحل مشکلة ما، کما يُمکن أيضًا استخدامها لتقديم ملاحظات إلى الفرد حول سلوکه أو اختياراته المالية أو غيرها من القضايا، وتؤثر هذه المعلومات على السلوکيات ذات الصلة بالفقر والصحة والتعليم، کما تساعد الفرد على تجنب أو تقليل التوتر، وتُستخدم أيضًا لتقديم معلومات حول مکان الحصول على الحاجة أو الخدمات مثل (الرعاية الطبية أو المساعدة الغذائية)، وأن الأفراد الذين لديهم شبکات أکبر من الأصدقاء والأقارب هم أکثر عرضة لتلقي المساندة المعلوماتية المطلوبة لحل مشکلة حالية.(Molly M. De Marco, 2008: 24)
سادسًا: العوامل المؤثرة في المساندة الاجتماعية:
صاحب المجتمعات تغيُّرات على المستوى الثقافي في جميع أنحاء العالم؛ مما يدفعنا للوقوف على آليات وديناميات المساندة الاجتماعية للتعرف على العوامل المؤثرة عليها على النحو التالى :(Michael, Linda Cooper, 2011)
1- القيم الثقافية المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية:
إن الاختلافات الثقافية موجودة في طبيعة وديناميات العلاقات الاجتماعية، وتتضمن قيما معينة بشأن الترابط بين الأفراد داخل الأسرة وخارجها، إضافة إلى هياکل الجماعة الاجتماعية، إضافة إلى الاتجاهات المتعلقة بتقديم المساندة والدعم بين النظم غير الرسمية. إن مثل هذه التغيُّرات في تطور المساندة الاجتماعية تضفي عليها تعددية في الأبعاد تتجاوز الفئات الأساسية مثل العرق واللغة وغيرهما، ومن أمثلة القيم الثقافية التي أثرت على عمليات المساندة الاجتماعية، قيم الجماعة ومدى ارتباط الفرد بشبکته الاجتماعية، حيث تؤثر درجة ارتباطه بشبکته على مدى شعوره بقوة الترابط ومدى وجود الاعتماد المتبادل مع الآخرين، إضافة إلى معرفة مدى الهوية واحترام الذات، بينما في المجموعات الأکبر تکون هناک مجموعة من القيم مشترکة متصلة بدرجة المساندة، وتقديم الدعم الذي يتوقع المرء أن يُقدمه الآخرون ضمن شبکته الاجتماعية.
2- الاتجاهات المرتبطة بالسعي نحو المساندة:
إن مدى تقبل طلب المساعدة من الآخرين أو عدم قبولها خاصة المساعدات غير الرسمية، قيمة ثقافية تلعب دورًا بارزًا في التأثير على المساندة الاجتماعية داخل المجموعات السکانية المتنوعة ثقافيًا ولغويًا.
3- خصائص شبکات الدعم المتنوعة:
يُعتبر تنوع وکثرة شبکات المساندة الاجتماعية مطلوبا في المجتمعات ذات الطابع السکاني المختلف، إضافة إلى متغير آخر يؤثر على المساندة الاجتماعية هو وضع المهاجرين، حيث أشار العديد من الأبحاث إلى أن المهاجرين الجدد للمجتمع يشعرون بمزيد من التهميش؛ بسبب فقدان الروابط الاجتماعية وإحساسهم بالعزلة، حيث تکون درجة المساندة الاجتماعية منخفضة کثيرًا لهؤلاء المهاجرين.
سابعًا: آثار المساندة الاجتماعية:
في دراسة مقطعية للعائلات ذات الدخل المنخفض، تم العثور على علاقة مباشرة بين المساندة الاجتماعية وقدرات حل المشکلات، حيث کان لدى العائلات التي کانت أکثر حصولًا على المساندة الاجتماعية من الآخرين قدرات أفضل في حل المشکلات مقارنة بأولئک الذين کانوا أقل حصولًا على المساندة الاجتماعية، کما قام ستروجاتز وزملاؤه بتقييم الارتباط بين المساندة الاجتماعية ومستوى الصحة في عيِّنة من الأمريکيين الأفارقة من ولاية کارولينا الشمالية الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و50، فوجد الباحثون علاقة عکسية بين المساندة الاجتماعية ومستوى الصحة، حيث کان أولئک الذين لديهم مستويات أعلى من المساندة الاجتماعية لديهم انخفاض في مستوى الأمراض. (Molly M. De Marco,2008: 35)
ويرى الباحث أن للمساندة الاجتماعية آثارا إيجابية على الجوانب المادية والصحية والمعرفية، حيث أثبتت الدراسات التي أجريت على برامج المساندة مدى قدرتها - أي المساندة الاجتماعية - على تحقيق وظائفها وأنها ذات فاعلية في التخفيف من حدة المشاکل الاجتماعية والصحية والمعرفية التي يتعرض لها الأفراد، مما يدفعنا في البحث عن وعي القائمين على تصميم برامج المساندة الاجتماعية بمفهومها ووظائفها، وقدرتهم على صياغة هذه البرامج وأهدافها بما يحقق أکبر قدر من المساندة للفئات المستهدفة من برامجهم.
تعقيب على المساندة الاجتماعية:
تتعدد أشکال المساندة الاجتماعية ومصادرها، ورغم تعدد أشکالها فإن کافة مصادرها تلعب دورًا في تقديم المساندة، ولکن تختلف أهمية کل مصدر طبقًا لنوع المساندة، فهناک المساندة العاطفية التي يلعب الشريک الحميم المصدر الرئيسي لها، إضافة إلى أدوار ثانوية يقوم بها کلٌ من الشبکة الاجتماعية والمجتمع، بينما تلعب الشبکة الاجتماعية المصدر الرئيسي في تقديم المساندة المعرفية ويکون لکلٍ من الشريک الحميم والمجتمع الدور الثانوي فيها، ويقوم المجتمع بدور أساسي فيما يتعلق بالمساندة المادية وتلبية احتياجات الأفراد ويکون للشريک الحميم والشبکة الاجتماعية دور أقل أهمية، لما للمجتمع من قدرة أکبر على تلبية الاحتياجات الاقتصادية وإيصال الخدمات وتوفيرها للأفراد؛ من خلال البرامج الاجتماعية المختلفة سواء أکانت تلک البرامج ذات طابع رسمي تقوم به الدولة، أو طابع غير رسمي تقوم به منظمات المجتمع المدني.
کما يتضح أن المساندة الاجتماعية ضرورية ووسيلة فعّالة في معالجة قضايا الفئات المختلفة، بما تتضمنه من تعددية الأبعاد، فالاعتماد على منهج المساندة الاجتماعية في معالجة مشکلات المجتمع يُعدُّ من الأمور الصائبة، لما لها من آثار إيجابية على الفرد والمجتمع، حيث تعمل بشکل رئيسي على تحسين المستويات الاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها، إضافة إلى دمج الأفراد داخل مجتمعهم، ليکونوا أکثر انتماءً ونفعا له، مما يدفعنا إلى الاهتمام بقضية المساندة الاجتماعية ومدى سعي الدولة إلى تحقيقها خاصة مع تزايد معدلات الفقر وکثرة المشکلات الناجمة عنه.
المحور الثالث: تحليل برنامج تکافل وکرامة (نموذجًا لبرامج المساندة الاجتماعية)
يسعى هذا المحور إلى تحليل مضمون برنامج تکافل وکرامة من خلال تحليل التقارير الرسمية لوزارة التضامن الاجتماعي الشارحة للبرنامج بصفتها - أي وزارة التضامن - الجهة الرسمية المنوطة بتنفيذ البرنامج. إضافة إلى تحليل تقارير من البنک الدولي التي توضح بعض جوانب البرنامج بشيء من التفصيل بصفته – أي البنک الدولي- جهة داعمة للبرنامج مالياً وفنيًا.
وسيتم تحليل کافة الجوانب المتعلقة بتخطيط البرنامج بداية من الأسباب التي دعت الحکومة لإنشائه، مرورًا بالأهداف العامة والتفصيلية، والفئات المستهدفة، ومعايير القبول والرفض، وشرائح الدعم التي يقدمها البرنامج، والجهات الشريکة في تنفيذه.
أولًا: إرهاصات نشأة البرنامج:
يسعى هذا العنصر إلى توضيح الأسباب التي دعت الحکومة المصرية إلى إنشاء برنامج تکافل وکرامة والتداعيات الاقتصادية آنذاک التي ساهمت بشکل رئيسي في السعي نحو إيجاد برنامج مساندة اجتماعية يقلِّص من الأضرار الاقتصادية التي تقع على عاتق الفقراء.
1- الأسباب التي دعت الحکومة للتفکير في البرنامج:
أشار البنک الدولي في تقريره إلى التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي دعت الحکومة المصرية إلى التوجه نحو التفکير في إنشاء برنامج مساندة اجتماعية وطلب مساندة البنک الدولي بالمشورة والدعم المالى لإنشاء البرنامج ويمکن إيضاح ذلک فيما يلي:
ترکّز مصر ترکيزا قويا على الإصلاح. ففي عام 2014، التزمت الحکومة المصرية بتنفيذ إصلاحات هيکلية واقتصادية واجتماعية کبيرة لخفض عجز الموازنة الکبير واستعادة استقرار الاقتصاد الکلي عن طريق الانتقال من الدعم الشامل إلى برامج التحويلات جيدة التوجيه. وتتضمن هذه الخطة الطموحة إلغاء دعم الطاقة من خلال سلسلة من الإصلاحات السنوية لأسعار الکهرباء وزيادات أسعار الوقود، وتخفيض قيمة العملة المحلية، وفي الوقت نفسه إنشاء شبکات أمان اجتماعي وطنية فعّالة وجيدة التوجيه لمساندة أشد الناس فقراً ومَن تأثروا سلبا بهذه الإصلاحات. وعلى الرغم من أن المشروع الرئيسي يوفر التحويلات النقدية للأسر الأشد فقرا المتضررة من هذه الإصلاحات، فإنه يجري التخطيط لمزيد من الإصلاحات من خلال موجات جديدة من إلغاء الدعم التي قد تؤدي إلى تفاقم الآثار السلبية على الأسر الأشد فقراً.
عانت مصر في العقد الأخير من اضطرابات ناتجة عن الثورات والحرب على الإرهاب مما عصف بکثير من موارد الدولة الأمر الذي أدى إلى زيادة عجز الموازنة وتفاقم مشاکل الکثير من القطاعات الاقتصادية الذي نتج عنه زيادة کبيرة في معدلات البطالة إضافة إلى تزايد معدلات الفقر ودخول شرائح جديدة في دائرة الفقر، مما دعا الحکومة آنذاک للسعي نحو بناء اقتصاد قوي من خلال التخطيط لإصلاحات اقتصادية بنظرة ثاقبة للمستقبل.
وبناء عليه فقد تبنت الحکومة المصرية خطة واضحة للإصلاح الاقتصادي تعتمد وبشکل کبير على التقشف والاستثمار، وتضمنت تلک الخطة إجراءات کرفع الدعم تدريجيا عن الوقود والکهرباء، وإقرار حزمة قوانين اقتصادية، من بينها قوانين القيمة المضافة والاستثمار والتراخيص الصناعية.(*)
ووفق المؤسسات المالية الدولية تعدُّ هذه الخطة طامحة ومرنة، ولکن من المحتمل أن تزيد - أي الخطة - من وطأة الفقر وتعصف بالعديد من الفئات نحو خط الفقر، مما يتطلب ابتکار برنامج مساندة اجتماعية ذي مرونة عالية يتوقع منه أن يشتمل على الفئات التي تتضرر بشکل مباشر من الإصلاح الاقتصادي، إضافة إلى قدرته على تنمية رأس المال البشري.
2- نشأة البرنامج:
جاء في کتاب تکافل وکرامة الصادر عن وزارة التضامن الاجتماعي المصرية توضيح لکيفية نشأة البرنامج، وکان استجابة لتوجيهات القيادة السياسية ونتاج الإصلاحات الاقتصادية للدولة، کما هو موضح فيما يلي:
برنامج «تکافل وکرامة» جاء استجابة للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية للحکومة المصرية وجهودها في تبني سياسات عادلة؛ حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً جمهوريا في شهر مارس عام 2015م رقم (15) لسنة 2015 يفوض فيه رئيس الوزراء بإصدار قرارات وبرامج جديدة بموجب برنامج الحماية الاجتماعية.
في سبتمبر من عام 2015م أقرت اللجنة الوزارية المعنية بالعدالة الاجتماعية إصدار برنامج تحويل نقدي مشروط باسم «تکافل وکرامة»، ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (430) لسنة 2015 بإعلان برنامج «تکافل وکرامة» برنامجا کاملا يعمل على التوسع في استهداف المواطنين الفقراء على مستوى الجمهورية.
ويعتبر برنامج «تکافل وکرامة» هو أحد وسائل وزارة التضامن الاجتماعي لتطوير نظم الحماية الاجتماعية وربطها بمؤشرات تنموية لتعزيز الحصول على الحقوق الأساسية للأسر الفقيرة مثل: الصحة، والتعليم، والتغذية السليمة، والمساهمة في الحصول على فرص عمل، وحماية المواطنين، کما يولي البرنامج حماية خاصة للمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة.
من خلال العرض السابق للأسباب التي دعت الحکومة المصرية إلى إنشاء برنامج مساندة اجتماعية موجّه لمساندة الأسر الفقيرة والأشد فقرًا، والمتمثلة بشکل رئيسي في تخفيف الأضرار الناجمة عن الإصلاحات الاقتصادية (إلغاء الدعم الشامل)، ما يعني أن تکون المساندة الاجتماعية موجهة للمتضررين بشکل أساسي من الإصلاحات الاقتصادية، وأن تکون تلک المساندة قادرة على حماية هذه الفئات المتضررة من الوقوع في أزمات اقتصادية، إضافة إلى سعيها - أي الحکومة - لانتشالهم من دائرة الفقر وتحسين مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية، وضرورة خلق برنامج مساندة اجتماعية موازٍ للإصلاحات الاقتصادية، أي أن يکون جاهزا للعمل مع بداية تطبيق الإصلاحات الاقتصادية، ما يعني ضرورة التخطيط له وتحديد الفئات المستهدفة وقدرته وجاهزيته على تقديم المساندة لکافة المتضررين (الفقراء والأشد فقرًا) فور تطبيق الإصلاحات الاقتصادية، لتلافي حدوث أضرار لتلک الفئات بسبب الفجوة الزمنية بين تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي وإلغاء الدعم الشامل والمساندة التي ستقدمها الدولة.
وقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2015 قراراً جمهوريا يفوِّض فيه رئيس الوزراء بإصدار قرارات وبرامج جديدة بموجب برنامج الحماية الاجتماعية، تلاه إقرار اللجنة الوزارية المعنية بالعدالة الاجتماعية إصدار برنامج تحويل نقدي مشروط باسم «تکافل وکرامة» في نفس العام، تلاه في نوفمبر عام 2016 البدء في تطبيق خطة الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ما يعني وعي الحکومة بتداعيات الإصلاح الاقتصادي على الفئات الفقيرة بالمجتمع المصري والتفکير بشکل متوازٍ في کافة الجهات، من خلال إصلاح الاقتصاد والمساندة الاجتماعية للفئات المحتمل تضررها، والسعي نحو تنمية رأس المال البشري لهذه الفئات ليلقي بظلاله مستقبليًا على الاقتصاد، إضافة إلى سعي الحکومة للعمل على تنفيذ برامج تکميلية لتکافل وکرامة مثل برنامج (فرصة) لتوفير فرص عمل للمستفيدين من تکافل وکرامة، وهذا يعکس وعي الحکومة والقيادة السياسية بفکرة المساندة الاجتماعية والانتقال من فکر الدعم النقدي إلى المساندة الاجتماعية من خلال العمل على ثلاثة محاور أساسية وهي (الدعم المادي لتلافي الوقوع في الأزمات الاقتصادية، التنمية التعليمية والصحية والثقافية لتنمية رأس المال البشري، توفير فرص عمل لتقليل نسبة البطالة وتوفير مستوى دخل أعلى)، وهذه المحاور الثلاثة تعتبر الرکائز الأساسية لمفهوم المساندة للفقراء من أجل رفع عبء الإصلاح الاقتصادي ونتائجه عن کاهل الفقراء.
إضافة إلى أنه يتضح من خلال سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الدولة أنها سياسة إصلاح مرحلية، أي أنها لن تطبق بشکل کلي، ولکن سيتم تطبيقها بشکل تدريجي، ما يسمح بتطبيق البرنامج بشکل تدريجي بالتوازي مع تطبيق سياسة الإصلاح، ولکن يجب أن يکون تدريجيا في قيمة المساعدات وليس تدريجيا في الفئات المستهدفة.
ثانيًا: تخطيط البرنامج:
تعتبر مرحلة التخطيط هي استجابة للمشکلة التي تم تحديدها في المرحلة السابقة وخطوات فعلية نحو إيجاد برنامج يسعى للتغلب عليها، ويتحول فيها البرنامج من طور الفکر إلى التخطيط.
ويعتبر التخطيط من أهم أجزاء تصميم البرنامج، حيث إن دقة التخطيط المعتمدة على الدراسات وتحليل التجارب الدولية المشابهة واعتماد المبادئ العالمية في التخطيط کالشفافية والمرونة وغيرهما تعدُّ نقطة فيصلية تؤثر على البرنامج في قدرته على تحقيق أهدافه والتغلب على تداعيات نشأته وتحقيقه المهام المنوطة به، وفي تلک المرحلة يتم الترکيز على وضع الأهداف وتحديد الفئات المستهدفة ومعايير قبول ورفض تلک الفئات، وکذلک تحديد الجهات الشريکة في تنفيذ البرنامج ومسئوليتها واختصاصاتها بشيء من التفصيل، وسوف نستعرض هذه الأجزاء بالتفصيل، وکيف تم تخطيط برنامج تکافل وکرامة والمعايير الأساسية التي اعتمد عليها البرنامج لمساندة الفقراء لتحسين أوضاعهم المعيشية، والخروج بهم من دائرة الفقر.
1- الهدف العام:
وقد أوضحت وزارة التضامن الاجتماعي الهدف العام من برنامج تکافل وکرامة وهو کما يلي:
يستهدف برنامج «تکافل وکرامة» إيجاد شبکة حماية اجتماعية مؤثرة وعادلة للفئات التي تعاني من الفقر بکافة أشکاله، وذلک عن طريق استهداف الأسر التي لديها مؤشرات اقتصادية واجتماعية منخفضة تحول دون إشباع احتياجاتها الأساسية، وکفالة حقوق أطفالها الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى مد شبکة الحماية لتشمل الفئات التي ليس لديها القدرة على العمل والإنتاج مثل کبار السن (65سنة فأکثر) أو من هم لديهم عجز کلي أو إعاقة.
ويتوقع برنامج «تکافل وکرامة» توسيع شبکة الأمان الاجتماعي وتوفير الحماية الاجتماعية لعدد مليون ونصف مليون أسرة فقيرة ومهمشة وفئات غير قادرة على العمل، ومساعدتها في الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية والدعم التمويني السلعي إلى جانب إيجاد فرص زيادة الدخل للفئات القادرة على العمل؛ ليصل حجم الأسر التي ينالها الدعم النقدي المشروط وغير المشروط إلى إجمالى ثلاثة ملايين أسرة فقيرة، وهو ما يعادل 20 % من السکان بحلول 31 ديسمبر 2022.
إضافة إلى ما سبق فقد أوضح البنک الدولي في تقريره - بصفته جهة داعمة فنيًا وماليا - أن الهدف العام من برنامج تکافل وکرامة تمثل في:
يهدف برنامج التحويلات النقدية المشروطة إلى تخفيف وطأة الفقر على المدى القصير، مع تشجيع الاستثمار في رأس المال البشري في الوقت نفسه بغرض کسر حلقة الفقر المتوارثة من جيل إلى آخر وزيادة الإنتاجية. ويتبع التصميم العديد من برامج التحويلات النقدية المشروطة الناجحة وواسعة النطاق في جميع أنحاء العالم التي خضعت للتقييم وثبتت فاعليتها.
يساعد اختيار برنامج تحويلات نقدية غير مشروطة للمسنين والمعاقين على ضمان تغطية الفقراء من بين هذه الفئات الضعيفة غالبًا، ونظراً لأن هذه الفئات کانت مشمولة ببرنامج معاش الضمان الاجتماعي القديم، فسيتم ترحيل المستفيدين المؤهلين منها إلى برنامج تکافل وکرامة، وسيتم حل معاش الضمان الاجتماعي باعتباره برنامجا قديما عديم الکفاءة وسيئ التوجيه ومفتَّتا، وقد انتقل کرامة بنجاح من التصنيف الطبي إلى التصنيف الوظيفي للإعاقة، مما يحدّ من التحيُّز ويزيد الموضوعية ويعزِّز رصد الاحتيال والخطأ المحتملين في عملية إصدار الشهادات.
وفقا لما ذُکر حول الهدف العام لبرنامج تکافل وکرامة أنه يسعى إلى إيجاد شبکة حماية اجتماعية مؤثرة وعادلة، ما يعني ضرورة أن تکون شبکة الحماية الجديدة ذات کفاءة وفاعلية وليست مجرد تقديم مساعدات دون إحداث جدوى، کما أنه - أي البرنامج - يسعى بجانب التأثير إلى تحقيق "العدالة"، وبالنظر إلى ما تضمنه تخطيط البرنامج ومفاهيمه نجد مفهوم العدالة الذي تبناه مخططو البرنامج هو عدم المساواة في قيمة الدعم والمساندة لکافة الفئات دون النظر للاحتياجات، لکن ضرورة أن تکون المساعدات تقابل الاحتياجات، أي أن قيمة المساعدات ونوعيتها تقابل احتياجات الفئات الموجّه إليها المساندة.
کما أن البرنامج يسعى إلى استهداف الفئات التي تعاني من الفقر بکافة أشکاله، ووفقا لمفهوم الفقر الذي حددته الأمم المتحدة في أهداف التنمية المستدامة 2030 أن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية، وضآلة إمکانية الحصول على التعليم وغيره من الخدمات الأساسية، والتمييز الاجتماعي، والاستبعاد من المجتمع، علاوة على عدم المشارکة في اتخاذ القرارات.(*) ما يعني دمج الفئات التي تعاني من سوء التغذية والتعليم وهذا ما استهدفه البرنامج في شقه (تکافل)، بينما استهدف الشق الآخر (کرامة) الفئات التي تعاني من التمييز والاستبعاد الاجتماعي. ووفقا لهذا فإن برنامج تکافل وکرامة في هدفه العام استهدف الفئات التي تعاني من الفقر بمفهومه الحديث والشامل. کما سعى البرنامج ليس فقط لضم فئات جديدة من الفقراء وفق المفهوم الشامل، ولکن أيضًا سعى إلى تحسين برامج الدعم التقليدية وإعادة تقييم المستفيدين منها وفق المفهوم الشامل للفقر، کما أنه لم يکتفِ باستهداف الفقراء وتوسيع دائرة استهدافه لهم فقط، بل عمل من خلال نظام المشروطية التعليمية والصحية إلى تنمية رأس المال البشري وضمان تحسين الأوضاع المستقبلية للفقراء ومساعدتهم في الخروج من دائرة الفقر والعوز والحرمان، لتتحول بذلک فلسفة برنامج تکافل وکرامة من مجرد برنامج دعم نقدي إلى برنامج مساندة اجتماعية.
وعن إشارة البنک الدولي کجهة فنية عن نجاح ذلک النوع من برامج المساندة الذي يطلق عليه (الدعم المشروط) عنى البنک الدولي بذلک تجربة الهند التي استخدمت هذا النوع من البرامج موجهة نحو تحقيق شبکة أمان اجتماعي عالية الجودة، ويجدر بنا الإشارة هنا إلى أن الهند استخدمت المدفوعات المباشرة وفق نظام يعتمد على البيانات والمقاييس الحيوية (البيو مترية) لتحديد الهوية، وذلک لتلافي عمليات الفساد الواسعة واستغلال مثل تلک البرامج من قبل العاملين، ومن جهة أخرى الحد من عدم کفاءة البيروقراطية المتفشية في الهند، فقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن هناک تشابها کبيرا بين الهند ومصر في الکثير من النقاط.(**)
2- الأهداف الفرعية:
أما عن الأهداف الفرعية لبرنامج تکافل وکرامة فقد حددتها وزارة التضامن الاجتماعي في الآتي:
سعت الحکومة المصرية ووزارة التضامن الاجتماعي إلى تفعيل محاور الاستدامة والتنمية المتکاملة لبرنامج "تکافل وکرامة" والمتمثلة في تحسين المؤشرات الصحية للأمومة والطفولة وکذلک خفض نسب التسرب من التعليم من خلال تطبيق نظام "المشروطية" الذي يربط استمرار الأسر المستفيدة في الحصول على الدعم النقدي بمدى التزامهم بمعايير المشروطية التي تنقسم إلى محورين أساسيين هما:
1- المشروطية الصحية:
الهدف منها هو تحفيز الأمهات على المتابعة الدورية لصحتهن أثناء الحمل والالتزام بالزيارات والتطعيمات الأساسية ومتابعة النمو لأطفالهن من خلال زيارات دورية للوحدات الصحية التابعة لوزارة الصحة والسکان بمعدل مرة واحدة على الأقل کل ثلاثة شهور، بما يجنبهن وأطفالهن العديد من المشاکل الصحية ويخلق أجيالا أصحاء ويساعد على المدى الطويل في القضاء على العديد من الأمراض الوراثية وأمراض سوء التغذية ومشاکل النمو.
2- المشروطية التعليمية:
الهدف منها هو خفض نسب التسرب من التعليم من خلال تشجيع الأسر على استکمال أولادها مرحلة التعليم الأساسي وهو ما يؤدي إلى خفض نسبة الأمية وتحسين العديد من المؤشرات التعليمية الأخرى، وذلک من خلال المحافظة على حضور أبنائهم في مراحل التعليم الأساسي والثانوي المختلفة من سن ست سنوات حتى ثماني عشرة سنة، وألا تقل نسبة الحضور عن 80 % من السنة الدراسية.
سعت الحکومة المصرية ووزارة التضامن الاجتماعي من خلال الأهداف الفرعية لبرنامج تکافل وکرامة إلى تفعيل محاور الاستدامة والتنمية المتکاملة، ووفقا للعديد من العلماء والدراسات فإن التنمية يقصد بها الجهود المبذولة لإحداث تغيُّرات وظيفية وبنائية، تتسم بالتکامل والدينامية، تهدف إلى تنمية قدرات الأفراد لاستغلال أقصى قدر من الموارد المتاحة (دون المساس بحقوق الأجيال القادمة في الموارد) بغية تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية (*)، والمتأمل في مفهوم التنمية يرى جليًا أنها تعمل على عدة محاور، في نفس الوقت تهدف جميعها إلى تنمية القدرات الاجتماعية للأفراد لتحقيق أقصى استغلال للموارد، ولکي تحدث تنمية قدرات الأفراد يجب تقسيمهم إلى فئات للتمکن من وضع برامج وخطط لتنمية کل فئة على حدة، لتصب جميعها في النهاية لمصلحة المجتمع ککل. ويمکن تقسيم فئات المجتمع إلى خمس فئات وهم: (أطفال، ونساء، ورجال، وکبار سن "نساءً ورجالاً" وذوي احتياجات خاصة). ولتحقيق التنمية البشرية وقدرات الأفراد، يجب العمل على تحسين مستويات الصحة ليکونوا قادرين على العمل واستغلال الموارد المتاحة، إضافة إلى تحسين المستويات التعليمية والقضاء على الأمية والتسرب من التعليم، حيث أکدت العديد من الدراسات والإحصاءات التي أُجريت على المجتمع المصري أنه يعاني من مستويات صحية متدنية، إضافة إلى نسبة أمية وتسرب من التعليم مرتفعة خاصة بين الفقراء ومحدودي الدخل.
وبالعودة إلى برنامج تکافل وکرامة نجد أنه من خلال أهدافه الفرعية ونظام المشروطية يعمل على استهداف الأطفال من خلال تحسين مستوياتهم الصحية والتعليمية، کما أنه يعمل على الرعاية الصحية للأم في فترات الحمل والرضاعة، إضافة إلى قيام وزارة التضامن الاجتماعي بتفعيل العديد من المبادرات مثل مبادرة (فرصة) التي تهدف لتنمية قدرات الأفراد من خلال تعليمهم حرفا تتفق مع إمکاناتهم ودمجهم في سوق العمل، وکذلک الربط بين بيانات المستفيدين من تکافل وکرامة مع برامج التأمين الصحي التي تقدمها وزارة الصحة.
مما سبق يتضح وعي وزارة التضامن الاجتماعي ومصممي برنامج تکافل وکرامة بمفهوم التنمية وأبعادها المختلفة، إضافة إلى وعيهم بمشکلات الفقراء ومحدودي الدخل في المجتمع المصري، وذلک من خلال خلق نظام مشروطية يجبر الفئات المستفيدة من البرنامج بالالتزام به لتنمية الجوانب الصحية والتعليمية لهم.
3- الفئات المستهدفة:
تعتبر عملية تحديد الفئات المستهدفة هي حلقة الوصل بين أهداف البرنامج ونتائجه، فإذا تم تحديد الفئات المستهدفة بشيء من القصور لن يستطيع البرنامج تحقيق الأهداف التي أنشئ لأجلها، وقد أوضحت وزارة التضامن الاجتماعي الفئات المستهدفة فيما يلي:
إن الفئة الرئيسية التي يستهدفها برنامج تکافل وکرامة هي الأسر الريفية الفقيرة التي تواجه أنواعا متعددة من مواطن الضعف، بما في ذلک ارتفاع مستوى الأميةوضعف إمکانية الحصول على الخدمات الأساسية کالبنية التحتية، والحصول على الطاقة النظيفة، وسوء التغذية وتدني الأنظمة الغذائية، والاعتماد الکبير على الأنشطة الزراعية المعرضة للتغيُّرات الموسمية والصدمات المناخية.
ومن أبرز من يستهدفهم برنامج «تکافل وکرامة» المرأة، لأن له تأثيرا مباشرا في تمکينها بإعطائها أموالا شهرياً أو کل 3 أشهر. وهو ما يمکِّن المرأة اجتماعيا واقتصاديا لتکون مساهمة في صنع القرار، ويفرض عليها مشروطية أن تذهب للوحدة الصحية وتحصل على توعية غذائية وسکانية، وتحافظ على انتظام الأبناء في المدرسة بنسبة 80%. بينما يعطي برنامج «کرامة» دعما نقديا للمعاقين وکبار السن فوق 65 عاما.
إن استهداف برنامج تکافل وکرامة للأسر الريفية الفقيرة التي تواجه أنواعا متعددة من مواطن الضعف، بما في ذلک ارتفاع مستوى الأمية وضعف إمکانية الحصول على الخدمات الأساسية کالبنية التحتية، والحصول على الطاقة النظيفة، وسوء التغذية، إنما يعکس استناد مصممي البرنامج على دراسات وإحصائيات الجهات الرسمية حول الفقر وتمحوره جغرافيًا حيث لا يخفى على أحد انتشار الفقر بشکل کبير في الريف وخاصة ريف الوجه القبلي، کما أن الاتجاه العالمي لتحديد الفقر يعتمد تعددية الأبعاد وهو ما يتبناه البرنامج مما يدلِّل على متابعة القائمين على البرنامج لتطور الدراسات والأبحاث العلمية حول الفقر، حيث أوضحت العديد من الدراسات والتقارير الدولية والإقليمية أن الفقر متعدد الأبعاد يتم تحديده بشکل أساسي في مؤشرات التعليم والصحة إضافة إلى مؤشرات مستوى المعيشة التي تشمل (توفر الکهرباء، والمرافق الصحية الملائمة، ومياه الشرب المأمونة، ووقود الطهي النظيف، وتوافر أرضيات مناسبة وسقف مناسب، وعدم الاکتظاظ، والحصول على الحد الأدنى من المعلومات، والقدرة على التنقل، وتوفر سُبل العيش).إضافة إلى سعي برنامج تکافل وکرامة إلى الترکيز على استهداف الأسر الريفية خاصة في محافظات الصعيد التي تعاني النسب الأعلى في الأمية، متفقا مع ما أشارت إليه الدراسات العالمية والإقليمية، حيث أکدت على أن الحرمان من التعليم أکبر مسبب للفقر الأسري، کما أن ظروف السکن ومستوى التغذية يعتبران من المسببات الرئيسة للفقر.
کما أولى البرنامج اهتمامًا خاصًا بالتعليم لسعيه نحو التنمية المتکاملة، حيث إن التعليم يشکل عاملًا هاما في مساعدة الأسر والأجيال القادمة في تخطي دائرة الفقر. فقد أوضحت التقارير العالمية والإقليمية أن احتمال تعرُّض الأسر التي لم يحصل من يرأسها على تعليم إلى الفقر يزيد ثمانية أضعاف عن احتمال تعرض الأسر التي يرأسها من يتمتع بأعلى مستوى من التعليم المتاح في الدولة، إضافة إلى أن التعليم من أوجه الحرمان الرئيسية التي تتطلب اهتماما بما في ذلک التعليم المدرسي للأطفال ومستوى التعليم لمن تجاوز سن الالتحاق بالمدرسة.
وقد اهتم برنامج کرامة على وجه التحديد بذوي الاحتياجات الخاصة وکبار السن، فلا يُمکن اعتبار التنمية شاملة إذا استثنيت منها فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، فتقدر الإحصائيات أعدادهم ما بين 15 إلى 20 في المائة من مجموع سکان البلدان العربية، وقد أولتهم الأمم المتحدة في خطة التنمية المستدامة اهتمامًا خاصًا، فذُکروا بوضوح في سبعة من أهداف خطة التنمية المستدامة ومقاصدها، کما أشارت إليهم الخطة أکثر من عشر مرات ضمن الفئات المهمشة والمعرضة للمخاطر. فعدم الاهتمام بتنمية قدرات هذه المجموعة شديدة التعرض للفقر سيترک أثرًا سلبيًا، حيث تشتد حالات الفقر وآثاره السلبية على الأشخاص ذوي الإعاقة، وتزداد حالات الإعاقة في المجتمعات الفقيرة، وکذلک حرمان الأشخاص ذوي الإعاقة في البيئات شديدة الفقر من حقوقهم أو صعوبة تأمينهم لتلک الحقوق.
کما استهدف برنامج تکافل وکرامة وبشکل واضح وصريح المرأة، ويتفق ذلک مع ما أوضحته الإحصائيات في جميع أنحاء العالم أن النساء هن الأکثر فقرًا من الرجال، وتشير التقديرات إلى أن النساء يمثلن 70% من 1,2مليار شخص يعيشون في فقر، وتعدُّ علاقة القوة غير المتساوية والمشارکة في صنع القرار بين النساء والرجال من الأسباب الهيکلية لعدم الاستقرار السياسي الذي يولِّد الفقر، وبالتالى فإن الحد من عدم المساواة بين الجنسين سيکون له إسهام قوي في التخفيف من حدة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية وأهداف التنمية المستدامة.(*)
خلاصة القول إن برنامج تکافل وکرامة لا يعمل في معزل عن التطورات الإقليمية والعالمية، وانطلق في تحديده للفئات المستهدفة مع التوجه العالمي في تحديد الفقراء من خلال الأبعاد المتعددة، إضافة إلى سعيه لضم أکثر الفئات تضررًا من الفقر کالمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، وعمله على تحقيق التنمية المتکاملة من خلال استقرائه لأسباب الفقر وسعيه نحو التغلب عليها ومساعدة الأسر الحالية والأجيال القادمة للخروج من دائرة الفقر والعوز والحرمان.
4- معايير القبول:
تمثل معايير القبول الشرح التفصيلي للفئات المستهدفة وطبيعتها بشکل أکثر دقة، وتعتبر ذات أهمية قصوى في تحديد الفئات المستهدفة، وإن أي قصور بها يؤدي إلى استبعاد أسر مستحقة للمساندة، أو وصول المساندة إلى أسر غير مستحقة، وسنعرض فيما يلي معايير القبول بالبرنامج:
أن تکون حالة الأسر أو الأفراد المتقدمة تحت خط الفقر الذي يتم حسابه طبقا لمعادلة إحصائية تراعي مستوى الدخل لأفراد الأسرة، والممتلکات والحيازات التي تقتنيها وأية تحويلات نقدية من الخارج وحالة السکن.
2. ألا يکون الزوج/الزوجة او المسن/ العاجز يعمل بالحکومة أو القطاع العام أو بالقطاع الخاص بأجر تأميني أکثر من 500 جنيه أو أن يتقاضى معاشا تأمينيا أو مساعدة ضمانية.
3. استيفاء کافة بيانات التقدم للبرنامج بتفاصيل الاستمارة الدالة على الحالة الاجتماعية للأسرة (مواصفات رب الأسرة ومواصفات أفراد الأسرة ومواصفات المسکن، والملکيات والحيازات ومصادر تلقي الدعم).
4. تقديم کافة المستندات الداعمة واللازمة للتقدم، مثل صور بطاقات رقم قومي سارية وصور شهادات ميلاد وصور وثائق الزواج أو الطلاق أو الوفاة أو الهجر وصور إيصالات استهلاک کهرباء وشهادة قومسيون طبي رسمية تبين درجة إعاقة تبدأ من درجة 50 أو غيرها من الوثائق المطلوبة.
5. أن تکون البيانات سارية وصحيحة بعد إجراء البرنامج کافة استعلامات التحقق البياني المکتبي مع کافة الوزارات الشريکة (الداخلية والتربية والتعليم والصحة وغيرها).
6. أن تکون الأسرة المتقدمة لبرنامج "تکافل" لديها أبناء من حديثي الولادة حتى سن الثمانية عشرة عاما، على أن يکون الأبناء من سن السادسة لسن الثمانية عشرة بمراحل التعليم المختلفة.
7. أن يکون الأفراد المتقدمون لبرنامج "کرامة" من المسنين بعمر يبدأ من 65 عاما أو من أصحاب عجز أو مرض مزمن يحول بينه وبين العمل أو ينقص من قدرته على العمل ويثبت المرض أو الإعاقة بالفحص الطبي، أو من الأيتام الذين لا ينالون الرعاية من الأب أو الأم بل من الأقارب من الدرجة الثانية أو أبعد من ذلک.
وفقًا لما سبق يتضح تعدد وتنوع معايير القبول لدى المتقدمين لبرنامج تکافل وکرامة، ولکن جميعها تسعى للوصول إلى الأسر الأکثر فقرًا في المجتمع المصري، وتتميز معايير تکافل وکرامة بالتنوع والتکامل في آن واحد، حيث تنم عن وعي المخططين للبرنامج بأسباب وأشکال الفقر في المجتمع المصري، إضافة إلى الاعتماد على الفقر متعدد الأبعاد وليس الفقر في بعد واحد کما أوضحنا سلفًا، إضافة إلى تداخل عدد من الجهات والهيئات الحکومية للوقوف على استحقاق المتقدمين من عدمه، حيث سعت وزارة التضامن الاجتماعي ومخططو البرنامج إلى استهداف الفقراء من خلال حساب الفقر بالمعادلات الإحصائية والأوزان النسبية بناء على ممتلکات ودخل الأفراد وأسلوب ومکان معيشتهم، واهتمت الوزارة في الأساس بعدم حصول الفرد على دخل ثابت ومستقر أکثر من 500 جنيه، ولن يتم الاکتفاء بعدم حصول الفرد على دخل ثابت فقط، بل أضيفت بعض المعايير الأخرى التي تؤکد مجتمعة عدم قدرة المستفيد على الحصول على دخل أکبر من 500 جينه شهريًا مثل حيازته أرضاً زراعية تدر عليه دخلًا أو امتلاکه أي مشروع صغير أو رؤوس ماشية أو سيارة أو جرارا زراعيا ... وغيرها. إضافة إلى سعي الوزارة للتأکد من عدم قدرة المستفيد على الحصول على دخل شهري سواء بالعمل الحکومي أو امتلاک وسائل للدخل، فقد وضعت الوزارة شروطا أخرى مثل وجود أطفال لدى الأسرة، لضمان احتياج الأسرة للحصول على دعم وکثرة الأعباء المادية عليها بسبب وجود أبناء ورعايتهم الصحية والتعليمية، ولکي لا يحدث إقصاء لمستفيدين وعلى الرغم من عدم وجود أبناء لديهم فقد وضعت الوزارة معايير للمسنين أو من يعانون من عجز يعوقهم عن العمل.
کان الهدف وراء تنوع المعايير وتعددها الاستهداف العادل للفقراء وتخطى مشاکل وثغرات برامج الحماية الاجتماعية التقليدية، إضافة إلى استهداف الجيل الثاني من خلال تقليل عبء الرعاية الصحية والتعليمية للأطفال من على کاهل رب الأسرة، إضافة إلى حماية الأيتام ممن ليس لهم عائل من الدرجة الأولى، وحماية کبار السن والعاجزين عن العمل، ذلک من خلال تنوع وتعدد المعايير لتحقيق أفضل استهداف، إضافة إلى تلافي إقصاء فئات تستحق المساندة، وعدم الابتعاد عن المعايير الدولية للفقر کما وضحها البنک الدولي في تعريفه للفقر عام (1990)، فهو"عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة، وعدم القدرة على امتلاک الأصول أو حيازة الموارد والثروة المتاحة المادية منها وغير المادية" (البنک الدولي،1990: 41).
5- دور البرنامج في تحقيق الحماية الاجتماعية:
يهدف برنامج تکافل وکرامة إلى تحقيق الحماية الاجتماعية للمستفيدين من خلال تقديم مساعدات مادية وفق القاعدة المشروطة، ومن خلال استعراض آراء المستفيدين من البرنامج حول قدرته على تحقيق الحماية الاجتماعية، فقد أکدت کافة الحالات أن قيمة المساعدة المادية التي يحصلون عليها أقل من متطلباتهم واحتياجاتهم، حيث يرون أنها وإن کانت تساعدهم في التخفيف من عبء المصروفات الشهرية إلا أنها لا تفي باحتياجاتهم الأساسية مما يضطرهم إلى السعي نحو تخفيض الإنفاق على بعض الجوانب الأساسية مثل الصحة، خاصة وإن کان الأمر متعلقا بصحة رب الأسرة أو الزوجة، حيث ذکر إحدى المستفيدات "المعاش قليل أوي حتى لما أنا أو جوزي بنتعب مش بنروح نکشف عشان الفلوس"، کما ذکرت حالة أخرى "العيشة غالية والـ500 جنيه دول هيعملوا إيه ده يدوب يجيبو أکل أسبوع".
وعن آراء العاملين فقد أوضحوا أن برنامج تکافل وکرامة ساهم في دمج العديد من الفئات في نظام المعاشات الذي کان لا ينطبق عليهم أي نوع من معاشات الضمان التي کانت تُقدم قبل برنامج تکافل وکرامة، حيث يسعى برنامج تکافل وکرامة إلى ضم من يعملون ولکن بدخل غير مستقر ولا يوجد تأمين اجتماعي عليهم ممن لديهم أطفال رضّع أو في مراحل تعليمية مختلفة، ويرون أن هذا ساعد على توسيع شبکة الحماية الاجتماعية للمواطنين وساهم في التخفيف من وطأة الأعباء الاقتصادية.
ويتضح مما سبق أن لبرنامج تکافل وکرامة جوانب إيجابية من خلال دمج العديد من الفئات الفقيرة أو المهددة بالوقوع في دائرة الفقر ضمن نظام حماية اجتماعية يوفر لهم دخلا ثابتا شهريًا ويساعدهم على السعي قدمًا نحو الاهتمام بالتعليم والصحة لأبنائهم بسبب نظام المشروطية، إلا أنه - أي برنامج تکافل وکرامة - يعاني من بعض السلبيات خاصة فيما يتعلق بقيمة الدعم، حيث إن قيمته أقل بکثير من احتياجات الأسر مما يمثل خطرا على قدرة البرنامج على تحقيق أهدافه وحماية المستفيدين من مخاطر الفقر، وبسبب زيادة نسبة التضخم وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة أصبحت قيمة المساعدة المادية غير قادرة على مواکبة ذلک الغلاء.
6- دور البرنامج في الجانب التعليمي:
يسعى برنامج تکافل وکرامة من خلال نظام المشروطية التعليمية إلى ضمان تسجيل الأبناء في المراحل التعليمية وانتظام حضورهم بالمدارس، وعند البحث عن مدى جدوى ذلک النظام خاصة على مستوى التحصيل الدراسي وکذلک رأي المستفيدين من تلک المشروطية يرى أغلبهم أنه لا جدوى من انتظام أبنائهم بالمدرسة خاصة إن کانوا في مراحل تعليمية متقدمة مثل الثانوي والإعدادي، حيث يقومون بأخذ الدروس الخصوصية وأنه لا يوجد تعليم حقيقي بالمدارس، فذکر أحد المستفيدين على سبيل المثال: "المدرسين في المدرسة مش بيعلموا العيال حاجة، مش بينوبنا غير تکلفة المواصلات وکده کده العيال بتاخد دروس"، بينما يرى القليل من المستفيدين أنه من الضروري حضور الطفل للمدرسة بشکل يومي ومنتظم لکي يتلقى التعليم.
وعن آراء العاملين بالبرنامج أکدوا على أهمية المشروطية التعليمية خاصة فيما يخص تقليل نسبة التسرب من التعليم، ودفع الأبناء لإتمام التعليم الثانوي، خاصة للفتيات اللاتي تسعى بعض الأسر لإخراجهن من التعليم تمهيدًا لتزويجهن وتقليلا من الأعباء المادية عليهم.
7- دور البرنامج في الجانب الصحي:
يسعى برنامج تکافل وکرامة من خلال المشروطية الصحية إلى ضمان نشوء الأطفال خاصة حديثي الولادة بصحة، وذلک من خلال اشتراط المتابعة الدورية للأم والأطفال سواء في مراحل الحمل أو السنين الأولى من العمر، وعن آراء المستفيدين في ذلک فقد أوضح أکثر من نصف المستفيدين بقليل أن لهذا النظام جدوى کبيرة، حيث دفعهم إلى المتابعة الدورية للأم والأبناء والاطمئنان على صحتهم بشکل مستمر، ولکن أکدوا أن المشکلة الأساسية في ذلک تکمن في جودة الوحدات الصحية، وبزيادة عدد المترددين عليها مع قلة عدد العاملين بها من أطباء وأطقم تمريض وقلة الخدمات الموجودة بتلک الوحدات مثل الأسرّة وأدوات التعقيم وغيرها. بينما ترى باقي العينة أن المشروطية الصحية غير مفيدة، حيث تجربتهم مع الولادة بالوحدات الصحية کانت سيئة للغاية فلم يجدوا مکانا للولادة مما دفعهم للذهاب إلى الأماکن الخاصة، أما عن رأي العاملين في البرنامج في نظام المشروطية الصحية، فأکدوا أنه نظام إيجابي لدفعه المستفيدين إلى المتابعة الدورية لحالات أبنائهم الصحية مما يقلل من مخاطر الأمراض الناجمة عن الإهمال الصحي للأطفال حديثي الولادة ويساعد في تقليل نسبة وفيات الأطفال.
ومن خلال العرض السابق يتبين أن الحاجات الأساسية للإنسان تتصف بالتجدد والتغيُّر، ونعني بالتجدد أنها مع کل إشراقة شمس يوم جديد يجب إشباعها، ومن ثم يضعنا هذا في دائرة مغلقة، حاجات وإشباعات، وعن صفة التغيُّر فهي متغيرة بالمکان والزمان من حيث ترتيب الأساسيات والقدر المادي، کل هذا من شأنه أن يدفع برامج المساندة إلى التوجّه نحو خلق ضمانة لکسر تلک الدائرة من خلال تنمية جوانب تعود بالنفع في المساهمة في إشباع الاحتياجات الأساسية، إن اعتبار الجانب الصحي والتعليمي من الحاجات الأساسية هو اعتبار صحيح، ولکنه من بعد واحد، فالبعد الذي يستهدفه البرنامج هو ليس تلبية الحاجات الصحية بل تنميتها من خلال إطلاق المتابعة الدورية والعناية بصحة الأطفال مما يعني وضوحًا استهداف تنمية الجانب الصحي للمستفيدين، إضافة إلى أن مشروطية التعليم تضمن قطع الطريق لانتقال عدم القدرة في إشباع الاحتياجات من جيل لآخر من خلال استهداف الجيل الثاني والقضاء على المفهوم الخاطئ عن وظيفة الأبناء في تخليص الآباء من أعباء الحياة، إن هذا المفهوم انتشر وبشکل کبير وخاصة بين الفئات الفقيرة حول نظرتهم لأبنائهم على أنهم مصدر للدخل وهو ما يعمل البرنامج على تصحيحه من خلال آلية فعّالة وهي المشروطية.
الاستخلاص والنتائج:
وقد توصل البحث إلى عدد من النتائج تتمثل فى:
- تعتبر المساندة الاجتماعية ضرورية ووسيلة فعّالة في معالجة قضايا الفئات المختلفة، وخاصة المهمشة والفقيرة، لکونها متعددة الأبعاد والمصادر، حيث تعمل بشکل رئيسي على تحسين المستويات الاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها.
- إن تصميم برامج للمساندة الاجتماعية يجب أن يتضمن تخطيطا متعدد الأبعاد، حيث يجب أن تنطوي على الدعم المادي والمعرفي والنفسي، بما يجعلها ذات أهداف رئيسية وفرعية، مستندة في تصميمها على دراسات توضح احتياجات الفئات المستهدفة، حيث يجب ألا تقتصر هذه البرامج على الدعم المادي، کما يجب أن تتضمن أهدافا قصيرة المدى متمثلة في تلبية الاحتياجات الأساسية من خلال الدعم المادي، وأهدافا طويلة المدى تشتمل على نقل الفئات المستهدفة من مستوى مهاري ومعرفي متدنٍ إلى مستوى أعلى يمکِّنهم من حل مشکلاتهم بشکل أکثر فاعلية، فضلًا عن مخرجات أخرى کزيادة الشعور بالانتماء والمشارکة الفعّالة في التفاعلات الاجتماعية، کما تتضمن هذه البرامج مخرجات وقائية تستهدف الجيل الثاني من الأسر المستهدفة من خلال عملية بناء القدرات وتنمية المهارات.
- صُمِّم برنامج تکافل وکرامة بالتوازي مع حزمة الإصلاحات الاقتصادية، وأنباء عن وعي الحکومة بتداعيات هذه الإصلاحات على الفئات الفقيرة بالمجتمع المصري، إضافة إلى سعي الحکومة نحو تنمية رأس المال البشري لهذه الفئات ليلقي بظلاله مستقبليًا على الاقتصاد.
- يعتبر برنامج تکافل وکرامة نموذجًا لبرامج المساندة الاجتماعية، حيث يعمل على عدة أبعاد متمثلة في:
1- تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال تقديم مساعدات مادية.
2- تنمية قدرات الأجيال القادمة من خلال نظام المشروطية التعليمية.
3- رفع قدرات الأجيال الحالية من خلال مبادرات تدريب وتأهيل لسوق العمل.
4- الاهتمام بالصحة العامة سواء للمرأة أثناء الحمل والولادة، أو للأطفال من عمر عام إلى 6 أعوام، أو دمج کافة الفئات في نظام التأمين الصحي.
5- الحماية الاجتماعية لکبار السن والعاجزين عن العمل والأيتام ممن ليس لهم عائل.
6- تمکين المرأة والمساواة بين الجنسين.
- کما يسعى برنامج تکافل وکرامة إلى استهداف للفئات التي تعاني من الفقر بکافة أشکاله، ووفقا لمفهوم الفقر الذي حددته الأمم المتحدة في أهداف التنمية المستدامة 2030، کما سعى البرنامج ليس فقط لضم فئات جديدة من الفقراء وفقا للمفهوم الشامل للفقر، ولکن أيضًا سعى إلى تحسين برامج الدعم التقليدية وإعادة تقييم المستفيدين منها وفقا لهذا المفهوم.
- سعى البرنامج إلى الاستهداف العادل للفقراء وتخطى مشاکل وثغرات برامج الحماية الاجتماعية التقليدية، ذلک من خلال تنوع وتعدد معايير القبول بالبرنامج.
* انظر في ذلک أهداف التنمية المستدامة (الهدف الأول) https://www.un.org/sustainabledevelopment/ar/poverty/
** انظر في ذلک صندوق النقد الدولي (2018) النمو الاحتوائي وخلق فرص العمل في مصر https://www.imf.org/ar/News/Articles/2018/05/05/sp-egypt-inclusive-growth-and-job-creation-lipton
القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة (2019) جامعة الدول العربية الأمانة العامة، أمانة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بيروت.
التقرير العربي حول الفقر متعدد الأبعاد (2017) الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، بيروت.
Global Multidimensional Poverty Index 2019 Illuminating Inequalities, Oxford Poverty & Human Development Initiative (OPHI), UNDP,
المراجع
المراجع:
أولًا: المراجع العربية:
إبراهيم مدکور، معجم العلوم الاجتماعية، الهيئة العامة للکتاب، القاهرة،1975.
أحمد أنور، الانفتاح وتغير القيم في مصر، مصر العربية للنشر والتوزيع، القاهرة،1993.
أحمد زکي بدوي، معجم مصطلحات الرعاية والتنمية الاجتماعية، دار الکتب المصرية، القاهرة،1987.
أحمد زکي بدوي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، مکتبة لبنان، بيروت،1986.
أحمد کمال هيبة وآخرون، سياسات وبرامج التضامن الاجتماعي في ضوء التجارب الدولية، مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، الإدارة العامة للدراسات التنموية، القاهرة،2007.
أماني خليل محمود سمور، تقدير الذات وعلاقته بالضغوط النفسية والمساندة الاجتماعية لدى الفتيات المتأخرات في الزواج في محافظات غزة، رسالة ماجستير، کلية التربية، الجامعة الإسلامية، غزة، 2015.
الأمم المتحدة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، تعزيز الحماية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة في البلدان العربية، مطبوعات للأمم المتحدة تصدر عن الإسکوا، بيروت،2018.
إهداء عادل المطارنة، السعادة النفسية وعلاقتها بالمساندة الاجتماعية وتقدير الذات لدى طلبة جامعة مؤتة، رسالة ماجستير، عمادة الدراسات العليا، جامعة مؤتة، الأردن،2015.
البنک الدولي ، تقرير التنمية في العالم، مرکز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة،1990.
تقرير التنمية البشرية: تنمية المجتمع، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي،2016.
التقرير العربي حول الفقر متعدد الأبعاد، الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، بيروت،2017.
جوردون مارشال، جون سکوت ، موسوعة علم الاجتماع، ترجمة: محمد الجوهري وآخرين، المجلس الأعلى للثقافة، المجلد الأول، الطبعة الثانية، القاهرة،2007.
جون سکوت، علم الاجتماع المفاهيم الأساسية، ترجمة محمد عثمان، الشبکة العربية للأبحاث والنشر، بيروت،2009.
جون هيلز، جوليان لوجران، الاستبعاد الاجتماعي: محاولة للفهم، ترجمة: محمد الجوهري، عالم المعرفة، المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، الکويت،2007.
عائشة شايع علي، المساندة الاجتماعية وتوکيد الذات لدى الطالبات الموهوبات وغير الموهوبات في المرحلة الثانوية بالمملکة العربية السعودية وعلاقتها ببعض المتغيرات الديموغرافية، رسالة ماجستير، کلية الدراسات العليا، جامعة الخليج العربي، البحرين،2012.
عبد الغنى عماد، سوسيولوجيا الثقافة: المفاهيم والإشکاليات من الحداثة إلى العولمة، مرکز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2006.
عمر ضافي الکواملة، المساندة الاجتماعية وعلاقتها بالطمأنينة النفسية والهوية الذاتية لدى طلبة جامعة مؤتة، رسالة ماجستير، کلية العلوم التربوية، جامعة مؤتة، الأردن،2016.
فيليب جونز، النظرية الاجتماعية والممارسة البحثية، ترجمة محمد ياسر الخواجة، مصر العربية للنشر والتوزيع، القاهرة،2010.
القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة، جامعة الدول العربية الأمانة العامة، أمانة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بيروت،2019.
کمال التابعي، تغريب العالم الثالث: دراسة نقدية في علم الاجتماع التنمية، مکتبة النصر، القاهرة،(دت).
ماجد بن سعود الحربي، دور مقترح للخدمة الاجتماعية في تحقيق المساندة الاجتماعية لأسر مرضى الفشل الکلوي المزمن: دراسة مطبقة على وحدة الغسيل الکلوي بمستشفى الملک فهد التخصصي بمدينة بريدة، رسالة ماجستير، کلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية، جامعة القصيم، السعودية،2016.
محمد الجوهري، علم الاجتماع وقضايا التنمية في العالم الثالث، دار المعارف، القاهرة،1982.
محمد رفيق الکحلوت، المساندة الاجتماعية وعلاقتها بالغزو السببي لدى محاولي الانتحار في قطاع غزة، رسالة ماجستير، کلية التربية، الجامعة الإسلامية غزة، فلسطين،2016.
محمد عاطف غيث ، قاموس علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسکندرية،1995.
مصلح أحمد صالح، قاموس مصطلحات العلوم الاجتماعية الشامل، دار عالم الکتب للطباعة والنشر والتوزيع، الرياض،1999.
منى بنت صالح بن عبدالله الماضي، أنماط المساندة الاجتماعية والحد من الضغوط الاجتماعية على أسر المتخلفين عقليا: دراسة ميدانية من منظور الخدمة الاجتماعية مطبقة على مدارس دمج المعاقين عقليا في مدينة بريدة، رسالة ماجستير، کلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية، جامعة القصيم، السعودية،2011.
هدى أحمد الديب، محمود عبد العليم محمد ، الاستبعاد الاجتماعي ومخاطره على المجتمع، إضافات، ع (31-32)، الجمعية العربية لعلم الاجتماع بالتعاون مع مرکز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2015.
ثانيًا: المراجع الأجنبية:
1- Brown, Kelly A., the Effects of Social Support on the Well-being of Mothers with Children in Early Intervention, Ph.D, Department of psychology, fordham university, New York,2000.
2- Caplan G, Mastery of stress: Psychosocial aspects. American Journal of psychiatry (138), 1981.
3- De Marco, Molly M. The Relationship between Income and Food Insecurity: The Role of Social Support among Rural and Urban Oregonians, Doctor of Philosophy, Oregon State University,2008.
4- Global Multidimensional Poverty Index, Illuminating Inequalities, Oxford Poverty & Human Development Initiative (OPHI), UNDP,2019.
5- Linda Cooper, Michael. Social Support Measures Review, National center for latino child & family research, final report, 2011.
6- Ramirez Ponce, Alina I. the Influence of Social Support on the Well Being of Latinas Living in Poverty, Ph.D., Faculty of the Graduate School, University of Texas at Arlington, 2004.
7- Sarson.G & et.al., Assessing social support: the social support questionnaire, Journal of Personality and Social Psychology, Vol. (44), no (1), 1983.
8- Taylor, S.E, Social support: A Review". In M.S. Friedman. The Handbook of Health Psychology. New York, Oxford University Press, 2011.
9- United Nations, Our Common Future, Report of the World Commission on Environment and Development, 1987.
10- Wolfgang, Zapf, Modernization Theory and the Non-Western World, Wissenschaftszentrum Berlin für Sozialforschung (WZB), University of Potsdam,2004.
ثالثًا: المواقع الإلکترونية:
أهداف التنمية المستدامة (الهدف الأول) https://www.un.org/sustainabledevelopment/ar/poverty/
صندوق النقد الدولي، النمو الاحتوائي وخلق فرص العمل في مصر،2018.